فإنَّ النَظرياتِ الفقهيةَ قواعدُ اهتمَّ بها الفُقهاءُ المتأخِّرونَ لما لهَا مِن لَمِّ شملِ الكثيرِ منَ الجزئياتِ المتناثرَةِ في طيَّاتِ كتبِ الفقهَاءِ وغيرهِمْ , وَالمتتبعُ لكتبِ الفقهِ بصورَةٍ دقيقَةٍ , وحِسٍّ قَواعديٍّ ؛ يجدُ أنَّ فيهَا الكَثيرَ منْ المسائلِ المتشابهَةِ المتفرقةِ التي يمْكِنُ جعلُها في وِعاءٍ واحِدٍ يضمُّها , لا عَلى أسَاسِ أنها قَواعدُ فقهيةٌ بالمصطلحِ الحديثِ المفهومِ الذِي يُعَرِّفُها عَلى أَنها ( قَضِيةُ أغلبيَّةٌ تجمَعُ جُزئياتٍ مختلفةٍ من أبوابٍ متفرقَةٍ ) بَل عَلى أسَاسِ أَنها نظرياتٌ فقهيةٌ ؛ لأنَّ القواعِدَ الفقهِيةَ لا تشتملُ عَلى شُرُوطٍ وَلا عَلى أرْكانٍ , وَهذا هُو الفرقُ بينَ النَّظريةِ الفقهيةِ وَالقاعدةِ الفقهيةِ , فَالنظريةُ الفقهيةُ لهَا أَرْكانها الخاصَّةُ بهَا , وَلها شُروطُها الخاصةُ بها , أَما القَواعدُ الفقهيةُ فليسَ فيهَا شيءٌ من ذلكَ ,
وَكذلِكَ فالقَواعدُ الفقهيةُ تُعرَفُ أَحكَامُها مِنْ نَصِّ القاعِدَةِ , فقَاعدَةُ (الضَّرَرُ يُزَالُ) تُعطِي حُكمًا وَاضِحًا وهُو أَن الضَّرَرَ يجبُ إِزالتُهُ , في حِينِ أَنَّ قَولَنا (نَظَرِيَّةُ الملكِيةِ) لا يُفهَمُ منها حُكمٌ وَكذلكَ (نظريةُ العَقدِ) .
ومِن هُنا أردتُ أن أَبحثَ في نَظرِيةٍ جَديدَةٍ لم تُبْحثْ منْ قبلُ – عَلى مَا أعلمُ- فاخترتُ
( نظريةَ استِقرَارِ المعامَلاتِ ).
|