عيب الشكل في القرار الإداري (دراسة تحليلية في ضوء قضاء ديوان المظالم في المملكة العربية السعودية )./ د. أيوب بن منصور الجربوع

د. أيوب بن منصور الجربوع [أستاذ القانون الإداري المشارك في معهد الإدارة العامة بالرياض]

تعمد السلطة الإدارية للقيام بنشاطها إلى استخدام أنواع مختلفة من الوسائل ، أهمها القرارات والعقود الإدارية ، وتعد القرارات الإدارية من أهم مظاهر امتيازات السلطة العامة التي تتمتع بها الســلطة الإدارية التي تستمدها من القانون العام ، وهي وسيلتها المفضلة فـي القيام بوظائفهـا وأنشطتها المختلفة ؛ نظراً لانفرادها باتخاذها , دون حاجة إلى الحصول على رضــا أو موافقة ذوي الشأن.  والقرارات الإدارية بهذه الصفة تختلف عن العقود الإدارية ؛ حيث إن هذه الأخيرة تنشأ بالتقاء إرادتين لإحداث الأثر الذي يرتبه النظام.
ولم يضع المنظم  السعودي تعريفاً للقرار الإداري  , باستثناء ما ورد في الفقرة (ب) من المادة (8/1) من نظام ديوان المظالم  , الصادر بالمرسوم الملكي رقم(م/ 51) وتاريخ 17/7/1402هـ ، حيث تنص تلك الفقرة على اختصاص الديوان بالفصل في "الدعاوى المقدمة من ذوي الشأن بالطعن في القرارات الإدارية متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص، أو وجود عيب في الشكل ، أو مخالفة النظم واللوائح ، أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة ، ويعتبر في حكم القرار الإداري رفض السلطة الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه طبقاً للأنظمة واللوائح." وذات النص الوارد في الفقرة (ب) من المادة (8/1) من نظام ديوان المظالم لعام 1402هـ  تم تكراره في الفقرة (ب) من المادة (13) من نظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم (78) وتاريخ 19/9/1428هـ ، حيث تنص تلك الفقرة على اختصاص محاكم ديوان المظالم بالفصل في " دعاوى إلغاء القرارات الإدارية النهائية التي يقدمها ذوو الشأن ، متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص، أو وجود عيب في الشكل ، أو عيب في السبب، أو مخالفة النظم واللوائح ، أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها ، أو إساءة استعمال السلطة ، بما في ذلك القرارات التأديبية ، والقرارات التي تصدرها اللجان شبه القضائية ، والمجالس التأديبية، وكذلك القرارات التي تصدرها جمعيات النفع العام - وما في حكمها - المتصلة بنشاطاتها، ويعدّ في حكم القرار الإداري رفض جهة الإدارة أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه طبقاً للأنظمة واللوائح."

 

 

 

____________

 1  أهم ما يميز القرار الإداري أنه يصدر من جانب واحد متمثلاً في الإرادة المنفردة للجهة الإدارية مصدرة القرار ، وبالتالي فإن القرار بهذه الصفة يجعله يختلف عن العقد الإداري ، حيث إن هذا الأخيرة يلزم لنشوئه توافق إرادتين . ولا يغير من هذه الخاصية المميزة للقرار الإداري أن بعض أنواع القرارات الإدارية يسبق إصدارها تحريك من صاحب الشأن كما هو الحال في قرار تعيين موظف أو قبول استقالته ، إذ إنه يسبق تعيين الشخص أو قبول استقالة الموظف تقديم طلب منه ، فهذا التحريك من صاحب الشأن يجب ألا يفسر على أنه إرادة للشخص , ولولاها لما صدر قرار التعيين أو قرار الاستقالة ، حيث إنه لا إلزام على جهة الإدارة بقبول تعيين الشخص أو قبول استقالة الموظف وفقًا للتاريخ الذي حدده في طلبه ، فقد ترى تأجيلها إلى أجل معين محدد في النظام ، مما يعني أن قرارها في الحالتين يصدر بإرادتها المنفردة . لمزيد من التفصيل حول الإرادة المنفردة للسلطة الإدارية في إنشاء القرار الإداري في النظام السعودي . انظر : د. فؤاد محمد موسى عبدالكريم ، القرارات الإدارية وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية دراسة مقارنة ، الرياض : معهد الإدارة العامة ، 1424هـ ، ص71-79.
2  انظر في ذلك : د. محمد فؤاد عبدالباسط ، " أعمال السلطة الإدارية ( القرار الإداري – العقد الإداري ) "،  الأسكندرية : مكتبة الهداية، 1989م، ص 275-279.
3  تجدر الإشارة إلى أن مصطلح " قانون " هو مصطلح لا يستخدم في المملكة ، وإنما مصطلح " نظام " هو المصطلح المستخدم للدلالة على الأنظمة التي تصدرها السلطة التنظيمية في المملكة . ومن ذلك ما ورد في النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم (أ/90) وتاريخ 27/8/1412هـ ، حيث تنص المادة (70) على أن  " تصدر الأنظمة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والامتيازات يتم تعديلها بموجب مراسيم ملكية . "  ومن الأمثلة على الأنظمة : نظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/6/) وتاريخ 22/3/1385هـ ، ونظام العمل الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ 23/8/1426هـ. كما يستخدم مصطلح "السلطة التنظيمية " بدلاً من مصطلح " السلطة التشريعية " , ومن ذلك ما ورد في المادة (67) من النظام الأساسي للحكم ، والتي تنص على أن " تختص السلطة التنظيمية بوضع الأنظمة واللوائح فيما يحقق المصلحة أو يرفع المفسدة في شؤون الدولة , وفقاً لقواعد الشريعة  الإسلامية ...."  و يرجع استخدام مصطلحي " نظام " و " السلطة التنظيمية " بدلاً من " قانون " و " السلطة التشريعية " إلى التحرج من استخدام المصطلحين الأخيرين ؛ لأنهما مرتبطان بحكم الواقع بالقوانين الوضعية .  انظر في ذلك : د. محمد عبدالجواد محمد ، التطور التشريعي في المملكة العربية السعودية ، الأسكندرية : منشأة المعارف ، 1977م ، ص 13-16.
 4 د. فهد بن محمد بن عبدالعزيز الدغيثر . رقابة القضاء على قرارات الإدارة : ولاية الإلغاء أمام ديوان المظالم ، القاهرة : دار النهضة العربية،  1992م ، ص 41 ، 42.
  5 لمزيد من التفصيل حول تطور ديوان المظالم ومقارنة اختصاصه كجهة قضاء إداري في ظل نظامه الصادر عام 1402هـ ، ونظامه الصادر عام 1428هـ , انظر : د. أيوب بن منصور الجربوع ، بحث بعنوان " اختصاص ديوان المظالم كجهة قضاء إداري (دراسة تحليلية مقارنة بين نظام ديوان المظالم لعام 1402هـ ونظامه لعام 1428هـ) " ، بحث منشور في مجلة العدل في المملكة العربية السعودية ، العدد (51) رجب 1432هـ.