فضل القضاء // لفضيلة الشيخ أحمد بن محمد الشعفي

*قاضي محكمة بلغازي - حاصل على الشهادة الجامعية ليسانس في الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض في العالم الدراسي 1386هـ - 1387هـ.

          إن القضاء مسلك وعر ، ومركب خطر ، وبقدر خطورته فيه فضل عظيم ، لمن قوي على القيام به ، وأدى الحق فيه ، لأن فيه نصرة للمظلوم ، وردعاً للظالم عن ظلمه ، وإصلاحاً بين الناس ، وحلاً لمشكلاتهم ، وخصوماتهم ، وتخليصاً لبعضهم من بعض ، ورعاية لشؤون القصّار ، وحفظاً لحقوقهم ورعايتهم ، وفيه الأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولذلك تولاه النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء قبله ، وكانوا يحكمون لأممهم ، وقد بعث  صلى الله عليه وسلم علياً قاضياً إلى اليمن ، كما بعث معاذاً قاضياً إلى اليمن ، ولأن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم حكموا بين الناس ، وقد بعث عمر رضي الله عنه أبا موسى الأشعري إلى البصرة قاضياً ، كما بعث عبد الله بن مسعود إلى الكوفة قاضياً ، فأعمال القاضي كلها من أبواب القرب إلى الله عز وجل ، وقد أمر الله بالقسط ، وهو العدل في قوله تعالى : (قل أمر ربي بالقسط) ، (وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) ، وقول تعالى : (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً) وإن صلاح الإنسان في العدل ، وفساده في الظلم ، فالإصلاح في الآية الكريمة بين الناس عام في الدماء والأعراض والأموال وفي كل شيء يقع فيه التداعي ، وهو من صميم عمل القاضي ، وكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وما أعد الله لمن قام بذلك ابتغاء مرضاة الله من الأجر العظيم ، والآيات في هذا الباب كثيرة ، وأما السنة ، فقد بوّب الإمام البخاري في صحيحه ، قال : باب أجر من قضى بالمحكمة في قوله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هو الفاسقون) ، ثم أورد حديثاً عن قيس عن عبد الله قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق وآخر آتاه الله حكمة ، فهو يقضي بها ويعلمها" وحديث : "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر" متفق عليه ، وهذا دليل على أن القاضي مأجور في أحكامه بأجرين إذا وافقت أحكامه الصواب ، وبأجر واحد إذا أخطأ وسقط عنه حكم الخطأ ، فالقضاء كله أجر لمن خلصت نيته وعمل لإظهار الحق وإيصاله إلى أهله . عن " عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن المقسطين عند الله تعالى على منابر من نور على يمين الرحمن وكلتا يديه يمين ، الذين يعدلون في أحكامهم وأهليهم وما ولوا" رواه مسلم .