حق المساواة بين الرجل والمرأة في الشريعة الإسلامية // لفضيلة الشيخ الدكتور محمد الحسيني مصيلحي

أستاذ بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض- بالمملكة العربية السعودية.

تمهيد

          لكي نتناول بالدراسة موضوع "حق المساواة بين الرجل والمرأة في الشريعة الإسلامية" وتميز الشريعة الإسلامية الغراء بأحكامها كما جاءت في الكتاب والسنة عن كل الأنظمة الوضعية داخلية كانت أم دولية ، وخاصة ما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر عن الأمم المتحدة عام 1948م والاتفاقيات الدولية اللاحقة وكيف سبقت الشريعة الإسلامية كل هذه الأنظمة بأكثر من أربعة عشر قرناً في الجوانب التنظيمية والشرعية ، أو فيما يتعلق بالتطبيق والمعاملة ، كيف لا ؟!! وهي تستمد قوتها من مصادر التشريع الرباني والهدي النبوي : القرآن والسنة ، فعلى سبيل المثال ـ وكي نؤكد ذلك ـ نجد أنه إذا كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد أكد في مادته على "مبدأ المساواة بين الناس جميعاً ، حيث يولدون أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق" ثم جاءت المادة الثانية من الإعلان فأكدت هي الأخرى على ضرورة احترام حقوقه وحرياته ، وأن لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات دون تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة ، فقد سبقه الإسلام في مجال هذه الحقوق في قول الله عز وجل في سورة الحجرات الآية 13: (يا أيها الناس إنا خلقنكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبيرٌ) .

          وأظهرت ذلك السنة النبوية في خطبة الوادع ، حيث خاطب الرسول الجماعة بقوله : "يا أيها الناس إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب إن أكرمكم عند الله أتقاكم وليس لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود فضل إلا بالتقوى" "ألا هل بلغت . . اللهم فاشهد. . ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب" ومن ثم فإن هذه الخطبة يمكن وصفها بأنها أو إعلان عالمي بالمساواة وأول وثيقة لحقوق الإنسان في التاريخ كما ذكرنا .