الحمد لله الذي أعطى كل ذي حق حقه ، وأنزل الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ، وأكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة .
والصلاة والسلام على من ختم بشريعته ونبوته الشرائع والنبوة ، فكانت شريعته أكمل الشرائع ، وأبقاها إلى قيام الساعة ، فلا مصلحة إلا واعتبرها ، ولا مفسدة إلا وألغتها ، فكانت مناسبة للناس أجمعين ، فلا خير إلا سبقت إلى شرعه ، ولا شر إلا وحذرت منه .
(ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)
فعاش الإنسان في رعايتها وحفظها له في ضرورياته وحاجياته وما كان من المحاسن والمكارم .
حفظت له دنيه ن ونفسه ونسله ، وعرضه وماله ، وعقله ، ودعت إلى ما يكمل المحافظة على هذه الأمور الضرورية من أمر حاجي ، أو تحسيني .
حفظته في ضرورياته وحاجياته وتحسينياته بما يحقق وجودها ، وحفظته بما يدرأ عنها الخلل الواقع أو المتوقع .
فكان هذا الإنسان هو مناط التكليف ، وحمل الأمانة ، فمنحه تعالى منزلة الكرامة ، وجعله خليفة في هذه الأرض ، ومنحه كل حق يمكنه من أداء رسالته ، فكانت حقوقه في مستوى كرامته وخلافته .
لكن هذا الإنسان قد بُخس حقه ونقص من قدره حينما تولاه من هو مثله .
ثم راجع هذا المتولي نفسه ، فتفضل عليه بإعطائه بعض ما بخسه ، فدعا أهل الأرض إلى مباركة هذا التفضل والتنازل ، ورأى أنه انتصار منه على نفسه ، ومنة على غيره .
فكان من أهل الإسلام ـ قياماً بشريعته ، وبياناً لأحكامه وتبليغاً لدعوته ـ من أعادوا التأكيد والبيان لما حوته شريعتهم من منح إلهية لهذا الإنسان ، دون انتظار لما يجود به أمثاله عليه .