حقوق المتهم في الشريعة الإسلامية // لفضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبد العزيز العقيل

وكيل وزارة العدل المساعد للشؤون القضائية.

          الحمد لله الذي أعطى كل ذي حق حقه ، وأنزل الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ، وأكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة .

          والصلاة والسلام على من ختم بشريعته ونبوته الشرائع والنبوة ، فكانت شريعته أكمل الشرائع ، وأبقاها إلى قيام الساعة ، فلا مصلحة إلا واعتبرها ، ولا مفسدة إلا وألغتها ، فكانت مناسبة للناس أجمعين ، فلا خير إلا سبقت إلى شرعه ، ولا شر إلا وحذرت منه .

          (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)

          فعاش الإنسان في رعايتها وحفظها له في ضرورياته وحاجياته وما كان من المحاسن والمكارم .

          حفظت له دنيه ن ونفسه ونسله ، وعرضه وماله ، وعقله ، ودعت إلى ما يكمل المحافظة على هذه الأمور الضرورية من أمر حاجي ، أو تحسيني .

          حفظته في ضرورياته وحاجياته وتحسينياته بما يحقق وجودها ، وحفظته بما يدرأ عنها الخلل الواقع أو المتوقع .

          فكان هذا الإنسان هو مناط التكليف ، وحمل الأمانة ، فمنحه تعالى منزلة الكرامة ، وجعله خليفة في هذه الأرض ، ومنحه كل حق يمكنه من أداء رسالته ، فكانت حقوقه في مستوى كرامته وخلافته .

          لكن هذا الإنسان قد بُخس حقه ونقص من قدره حينما تولاه من هو مثله .

          ثم راجع هذا المتولي نفسه ، فتفضل عليه بإعطائه بعض ما بخسه ، فدعا أهل الأرض إلى مباركة هذا التفضل والتنازل ، ورأى أنه انتصار منه على نفسه ، ومنة على غيره .

          فكان من أهل الإسلام ـ قياماً بشريعته ، وبياناً لأحكامه وتبليغاً لدعوته ـ من أعادوا التأكيد والبيان لما حوته شريعتهم من منح إلهية لهذا الإنسان ، دون انتظار لما يجود به أمثاله عليه .