مدى مشروعية إهداء ثواب القرب إلى الموتى // د. عبدالله بن حمد الغطيمل

أستاذ الفقة المشارك بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية ( قسم القضاء ) وكيل كلية الشريعة والدرسات الاسلامية جامعة أم القرى - مكة المكرمة .

الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، لا إله غيره ، ولا معبود بحق سواه ، شع لعباده سبل الخيرات ويسر ، وأنار لهم الطريق بكتابه المبين وأظهر ، أنزله على الرحمة المهداة ، وأمره بالبيان ففصل المجمل ، وأبان المشكل ، وبسط المختصر ، صلى الله عليه وعلى إله وأصحابه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم تسليماً كثيراً ، ثم أما بعهد :

            ففي بحث سابق لي حول موضوع "تكرار العمرة والإكثار منها دراسة فقهية مقارنة" ظهر لي أن سبباً من أسباب إكثار الناس من العمرة هو قصد إهداء ثوابها إلى موتاهم ، فترى الناس وخصوصاً الآفاقي الذي يقدم من بلد بعيد عن بلد الحرمين الشريفين ينتهز فرصة وجوده جوار بيت الله لأداء نسك الحج أو العمرة ، أو قدومه للعمل ، تراه يكثر من الخروج إلى الحل ليدخل بعمرة ، فمرة لأمه ، وثانية لأبيه ، وثالثة لأخيه ، وهلم جرا ، وهو بذلك يؤدي أكثر من نسك في سفره واحد ، فيختصر الوقت والتكلفة . وقد ذكرت أم مثل هذا العمل يسبب الزحام في أماكن أداء المناسك ، وخصوصاً المطاف والمسعى ، وهذا فيه تضييق على من قدموا لأداء النسك الواجب ، وقد يلحق الضرر بهم ، هذا على التسليم بأن مثل هذا العمل مشروع وإلا فقد خالف من خالف من العلماء في مشروعية ذلك ، وقد أشرت إلى ذلك هناك ، وذكرت أن ليس هذا موضع بسطها لكونه خارج نطاق البحث .

            ولما لهذه المسألة من أهمية في حياة المسلم ، حيث لا تكون العبادة إلا بما شرع الله أو أذن به رسوله ، آثرت أن يكون موضوع بحثي هذه المرة في تحرير القول في مشروعية إهداء ثواب القرب إلى الموتى وهل يصل إليهم أو لا ؟ ومن المؤشرات على أهمية هذه المسألة كثرة الأسئلة التي ترد على من يتصدر للفتيا حول مشروعية إهداء ثواب القربات من حج وعمرة وطواف وصلاة وصيام إلى الموتى ، مما يدل على أن هذه المسألة تحتاج إلى زيادة بيان وتحرير .