أحكام الرجوع في الشهادة

د. عقيل بن عبد الرحمن العقيل الأستاذ المشارك بقسم الفقه املقارن بالمعهد العالي للقضاء

بيّن الباحث التالي: - عرف الرجوع عن الشهادة بأنه: أن ينفي الشاهد ما أثبته ابتداءً بشهادته بأن يقول: رجعت عما شهدت به، أو شهدت بزور ونحوها. - اتفاق الفقهاء على حجية الشهادة وأنها طريق من طرق الإثبات أمام القضاء. -شرط صحة الرجوع عن الشهادة أن يكون في مجلس القضاء. - أحوال الرجوع عن الشهادة: 1- قبل صدور الحكم: لا يجوز للقاضي اعتبار الشهادة دليلا، وله تعزير وتشهير الشهود عن رجوعهم، ما لم يكن رجوعهم عن شهادة على شخص بالزنا، ففي رجوعهم خلاف على قولين: الأول: يحدّ الراجع بحد القذف، وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء. الثاني: لا يحد الراجع، وهو رواية في مذهب الإمام أحمد، وهو ترجيح البحث. 2- بعد صدور الحكم وقبل التنفيذ: له حالات كالتالي: أ- الرجوع عن الشهادة في الحدود أو القصاص، فيه خلاف على قولين: الأول: وجوب نقض الحكم وعدم تنفيذه، وهو قول عامة الفقهاء، وهو ترجيح البحث. الثاني: إن كانت الشهادة في دم، فيجب استيفاؤه، وهو قول الإمام خليل. ب- الرجوع عن الشهادة في المال، فيه خلاف على قولين: الأول: لا يُنقض الحكم، ويضمن الشهود المحكوم به، وهو قول جمهور الفقهاء، وهو ترجيح البحث. الثاني: وجوب نقض الحكم، وهو قول الشافعية وأهل الظاهر. 3- بعد صدور الحكم وبعد التنفيذ: فيه خلاف على قولين: الأول: لا يُنقض الحكم، وهو قول الإمام مالك والشافعي وأحمد، وهو ترجيح البحث. الثاني: لا يقتص من الشهود، ولكنهم يضمنون الدية والمال المسروق، وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه. - الرجوع الجزئي في الأمور المالية له حالات كالتالي: الرجوع قبل الحكم له اعتباره، وليس للقاضي الحكم بشهادتهم، ولكن له حق تعزير وتشهير الراجع. وإن كان الرجوع بعد الحكم فله حالتان: الأولى: إن كان ينقص النصاب بالرجوع، فيرى البحث ضمان الراجعين بقسطهما من المال حسب عدد الشهود وعدد الراجعين الثانية: إن كان لا ينقص النصاب، فيرى البحث عدم ضمان الشاهد لشيء. وإن كان الرجوع بعد الحكم والاستيفاء، فلا يُنقض الحكم، ولا يجب على المشهود له رد ما أخذه. - الرجوع الجزئي في الحدود والقصاص له حالات كالتالي: الرجوع قبل الحكم في حد الزنا فيه ثلاثة أقول: الأول: إقامة الحد على جميع الشهود الأربعة، وهو قول الإمام أبي حنيفة وصاحباه، والمالكية وقول عند الشافعية ورواية في مذهب الإمام أحمد، وهو ترجيح البحث. الثاني: إقامة الحد على باقي الشهود فقط، وهو قول في مذهب الحنابلة. الثالث: إقامة حد القذف على الشاهد الراجع فقط، وهو قول الإمام زفر من الحنفية، وبعض الشافعية. - أن الرجوع الجزئي الذي لا يؤثر على النصاب بعد الحكم وقبل الاستيفاء في الشهادة على الحدود والقصاص، فيه خلاف بين الفقهاء، رجّح البحث عدم تضمين الشاهد عند رجوعه ما دام أنه قد بقي من الشهود ما يكفي لإثبات الحق. - أن الرجوع الجزئي المؤثر على النصاب بعد الحكم وقبل الاستيفاء في الشهادة على الحدود والقصاص فيه خلاف بين الفقهاء، رجّح البحث إقامة الحد على من بقي دون من رجع. - أن الرجوع الجزئي بعد الحكم والاستيفاء فيه خلاف بين الفقهاء، رأى البحث أن الشاهد الذي رجع يحد حد القذف ويغرم ربع الدية. - اختلاف الفقهاء في رجوع الشاهد عن بعض شهادته على أربعة أقوال، رأى البحث قبول قول الشاهد إذا رجع عن بعض شهادته مع التقييد ببقاء الشاهد على العدالة وعدم الحكم بالشهادة وعدم مفارقة مجلس الحاكم. - اختلاف الفقهاء في تلقين الحاكم للشهود الرجوع عن الشهادة على قولين، رجح البحث أن للحاكم تلقين الشاهد الرجوع عن شهادته في هذا الحد. - اختلاف الفقهاء في رجوع المزكين للشهود عن تزكيتهم هل يضمنون شيئا، على قولين، رجّح البحث وجوب الضمان على المزكين الذين رجعوا عن تزكيتهم للشهود.