وقف الجَنَف في الفقه الإسلامي (تطبيقات على: الوقف الذري، ووقف الرجل لكل ماله)

الدكتور/ عدنان بن جمعان الزهراني مدير الرقابة الشرعية ببنك الجزيرة بجدة

تعتمد هذه الدراسة على مبدأ شرعي عام،وقاعدة كلية؛تلزم المسلم التصرف في ماله اكتسابا،وإنفاقا وفق مقتضيات الشريعة؛إذ ليس له أن يركب الحيل على اختلافها؛لإبطال حق أحد من ورثته،أو التقليل منه،في حياته،أو بعد مماته،ولهذا تقرر هذه الدراسة أن لوقف الجَنَف الحكم ذاته لوصية الجَنَف،لأمرين: الأول منهما:أن النصوص الثابتة في هذا الباب دارت على نص واحد، هو حديث وقف عمر رضي الله عنه،وليس فيه ما يصحح ما نراه من شروط الواقفين؛فكان لزاما أن نفزع إلى أدلة الشريعة العامة وقواعدها،الناظمة لأمر الشروط،وسائر التصرفات التي ليس فيها نص خاص،وظهر أن تلك الاعتبارات لا تصحح وقف الرجل لسائر ماله على ذريته،وأنه إن صح منه شيء فإنما يصح في الثلث فقط،ويجب على من بيده سلطة التغيير رد ما زاد عن ذلك إلى ثلث المال ليكون الباقي على قسمة الله تعالى،وهذا بشرط أن يكون تدارك ما فرط ممكنا،وإلا فيرد ما أمكن منه،ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها. والثاني:لحديث عائشة عن النبي - عليه وعلى آله الصلاة والسلام - أنه قال:"يرد من صدقة الجانِف في حياته،ما يرد من وصية المُجْنِف عند موته"،وهو في الواقع من باب تحصيل الحاصل،لأن الأمر الأول كاف لتصحيح ما ذهبنا إليه،كيف؟ وقد صح هذا الحديث،بل لو جاز لنا التصحيح بالمعنى،والتقوية به مع وجود ضعف في الحديث لجاز هذا الصنيع هنا،لأن الحديث مطابق لمقتضيات الشريعة. هذا رأي الباحث الذي انتهى إليه لاتباعه ما ظهر له من أدلة الشرع المطهر.