التوصيف الفقهي لعمليات التقابض في المعاملات المصرفية المعاصرة / د. هشام بن عبدالملك بن عبدالله بن محمد آل الشيخ

د. هشام بن عبدالملك بن عبدالله بن محمد آل الشيخ [الأستاذ المشارك بقسم الفقة المقارن في المعهد العالي للقضاء]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفر، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [سورة آل عمران، الآية : [102]. وقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [سورة النساء، الآية : [1]. وقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سديداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }[سورة الأحزاب، الآيتان:[70-71]. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. شرع الله سبحانه وتعالى للناس كافة التعامل مع بعضهم البعض، لتستمر الحياة قال الله تعالى: أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ [سورة الزخرف، الآية: [32]. وحتى يصل الإنسان إلى غرضه ويدفع حاجته؛ كان لابد من التعامل بالبيع والشراء وغير ذلك من العقود. ولما كانت حاجات الناس تتجدد، مع تقدم الزمن وكثرة الناس وتوسع المدن وتطور الصناعات وظهور التكنلوجيا المبهرة في جميع المجالات؛ كان لابد أن ينشأ عن هذا التجدد مسائل حديثة وقضايا معاصرة لم تكن في العصور السالفة، ومن ذلك عمليات التقابض المصرفية الحديثة، وهي: (الشيك، الكمبيالة، الشيك السياحي، القيد على الحساب، القيد على الحساب في الصرف، الحوالة المصرفية، قبض أوراق البضائع، قبض أسهم الشركات). فما هو التوصيف الفقهي لكل عملية تقابض من هذه العمليات المصرفية؟ إذ في ظني لا يوجد ما يمكن وصفه بالتقابض في العمليات المصرفية غير ما سبق. وهذا الموضوع جديرٌ بالبحث والغوص في مسائله، إذ لا يتم عقد البيع غالباً إلا بالقبض، وكثيراً ما يحصل الخلاف والنزاع حول تحقق القبض في العمليات المصرفية الحديثة، مما يجعل الإحاطة بمسائل هذا البحث في الأهمية بمكان لدى القضاة والإقتصاديين وطلبة العلم، وهذا ما حداني للبحث في هذا الموضوع. وقد قسمت هذا البحث إلى مقدمة، وتمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة.