الدفاع الشرعي (دراسة مقارنة) / د. ناصر بن محمد الجوفان

د. ناصر بن محمد الجوفان [الاستاذ المشارك بالمعهد العالي للقضاء]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم،وبعد:- فهذا بحثٌ في مسألة من المسائل الفقهية والقانونية المهمة ،إذ تتعلق بحق قررته الشريعة ،والقوانين الوضعية ،لكنّ كثيراً من الناس يجهل أحكامه ،فإما أن يُحجم عن استعماله خوفاً من الوقوع تحت طائلة التجريم والعقاب ،وإما أن يستعمله اعتقادا ًمنه توافر شروطه وباقي أحكامه ،ويكون الواقع مخالفاً لذلك فتلحقه المسؤولية الجنائية. وتكمن أهمية الموضوع في أن الشريعة الإسلامية ،وكذا القوانين الوضعيّة ،قرّرت للإنسان حق الدفاع الشرعيّ،ولكن لا يكون ذلك إلا بضوابط ،كما أن هناك مشكلة تتعلّق بهذه المسألة ،تكاد تصادر هذا الحق ،وهي كيفية إثبات أن الإنسان كان يمارس حقه الشرعيّ ،لأن المجرم غالباً لا يعتدي على غيره إلا في حالة لا يتوافر فيها عند المجني عليه شهود،لذا لو أخذنا بقول من يدّعي الدفاع الشرعي في هذه الحالة دون أدلة لكانت دعوى استعمال هذا الحق ذريعة إلى الاعتداء على الآخرين ،ولو ألزمنا من يدّعي الدفاع بالأدلة على استعماله هذا الحق لأفضى في كثير من الحالات إلى إسقاط هذا الحق ،والحق أن هذه المشكلة المتعلقة بهذه المسألة كان يراودني بحثها منذ زمن بعيد ،فلما كثرت الجرائم هذه الأيام ،وكثر الاعتداء على الناس سواء في الأماكن العامة ،أو في منازلهم - نسأل الله العافية - ووجدتُ من خلال متابعتي لوسائل الإعلام خاصةً الصحف والانترنت تساؤلات كثيرة من بعض الناس حول هذه المسألة،بعد هذا تحقق عندي أهمية دراسة هذه المسألة ومحاولة الوصول إلى توصيات بخصوصها ينتفع بها المرفق العدليّ،سواء في مرحلة التحقيق ،أو في مرحلة الإدعاء ،أو في مرحلة المحاكمة،كما ينتفع بها أصحاب الحقوق الخاصة،لأن هذه المسألة لها علاقة بالحق العام والحق الخاص،وتشمل الدراسة الأدلة على مشروعية هذا الحق ،وشروطه،وتكييفه،وإثباته،وآثاره،سواء من الناحية الفقهية ،أو من الناحية القانونية.