وجوب الزكاة في عروض التجارة./ فضيلة الشيخ/ عبدالله بن سليمان المنيع.

فضيلة الشيخ/ عبدالله بن سليمان المنيع [ عضو هيئة كبار العلماء و المستشار بالديوان الملكي ]

الحمدلله وحده وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
   فمن منطلق المناداة بحرية الرأي والفكر والاختيار، دون التقيد بالأصول العامة في ضوابط هذه الحرية، ومتى تكون، ولمن تكون؟ وجدت انبعاثات ممن ليس أهلاً للمارسة حرية الرأي؛ تدني مستواهم العلمي ومداركهم العقلية، وممن اعتقدوا أن الحرية الفكرية مذهب وجودي، يحق لكل ذي عقل أن يقول مايراه وإن اختلت بقوله موازين الحياة عنده، ولهذا نجد العجب العجاب ممن يدعون العلم والأدب والثقافة وإدراك أسرار الكون وخصائصه، بغض النظر عن الخروج عن ما أجمعت عليه المجتمعات البشرية من نظام معاشها وحياتها ومسالكها وسلوكياتها. ومن ذلك: قول القائلين بأن الزكاة غير واجبة في عروض التجارة. ولقد نبش هذا القول من مقبرته قبل أربعين عاماً، فنفض للرد عليه فضيلة الشيخ علي الصابوني، وفضيلة الشيخ أحمد محمد جمال رحمه الله وكاتب هذا البحث عبدالله المنيع، وانتهى الأمر بإعادة هذا القول الشاذ إلى قبره ودفنه. ولاكن في عصر الحرية الفكرية الفوضوية وجد من يجد في نبشه طريقاً للشهرة والظهور، فوجدت المناداة بأن الزكاة غير واجبة في عروض التجارة، كما وجدت مناداة مثلها بأن العملات الورقية ليست أثمانً يجري فيها الربا أو تجب فيها الزكاة، وصدرت في ميدان هذه الفوضوية الفكرية الفتاوى الغربية البعيدة عن روح الدين ومصادره ومقاصد تشريعة.
   ونظرا إلى أننا نعيش في عصر تقبل كل غريب مهما كان شذوذه ونكارته؛ للبعد عن المصادر الشرعية في القول والنظر، ولشيوع الادعاء في الكفائة الأهلية للإفتاء، لذلك كان من الحديث عن حكم زكاة عروض التجارة، وما ذكره أهل العلم من رجال التفسير والحديث، ورجال الفقه في المذاهب الفقهية المعتبرة من وجوب الزكاة فيها.