التعويض عن التأخير في سداد الدين./ د. سعد بن عبدالعزيز الشويرخ

د. سعد بن عبدالعزيز الشويرخ [عضو هيئة التدريس في قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض]

الحمد لله رب العالمين , أتم أحكام الدين , وأظهر معالم شرعه , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , بيّن الحلال والحرام , صلى الله عليه , وعلى آله وأصحابه , والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين , أما بعد :
    فإن من المشكلات الكبرى التي تواجه العمل المصرفي والاستثمار الإسلامي الديون المتأخرة السداد , وهذه المشكلة لم يقتصر دورها على المؤسسات والشركات فحسب , بل تعداها إلى الدول أيضاً , وتعاني البنوك الإسلامية من هذه المشكلة على وجه الخصوص ؛ وذلك لأن من أهم أدواتها في استثمار الأموال عقود المرابحة , التي يترتب عليها ديون في ذمم العملاء , وإذا تأخر أداؤها عن وقتها المحدد , فإن البنك يخسر عوائدها , ومما يزيد من ضرر هذا الأمر أن الديون تمثل نسبة عالية من أصول البنوك الشرعية , قد تصل في بعضها إلى أكثر من 90% , ومن ثم كان التأخير في سداد الدين له الأثر البالغ على المؤسسات المالية , فظهرت الحاجة عند القائمين على هذه البنوك إلى اشتراط التعويض في التأخير عن سداد الديون , وقد بلغ عدد البنوك الإسلامية التي تشترط التعويض اثني عشر بنكاً من سبعة وعشرين بنكاً في عام 1999م ( 1) , وهذا العدد في ازدياد , كما أن هذا الأمر جعل البنوك تتشدد في إجراء المعاملات المالية , فتطلب رهناً وضماناً في إعطاء تمويل للعميل , وترفع نسبة الربح خوفاً من التأخير في سداد الدين , وهذا أدى إلى حصر تعامل البنوك الإسلامية في فئة من الناس , قادرة على الوفاء بما يطلبه البنك منهم , وقد بحثت المجامع الفقهية , وهيئات الرقابة الشرعية التعويض عن التأخير في سداد الدين , بل إن مجمع الفقه الإسلامي كرر بحث هذا الموضوع في أكثر من دورة , حيث بحثه في الدورة الثامنة , ثم أعاد النظر فيه في الدورة الرابعة عشرة , وهذا مما يبين الأهمية البالغة لدراسة أحكام هذا الموضوع , ومعالجته بالحلول الشرعية , والطرق الصحيحة .

 

________________

( 1) - ينظر : مشكلة الديون المتأخرة في البنوك الإسلامية د . علي القره داغي ص 473 .