إذن المرأة بالنكاح وتوليها عقده./ د.عبدالرحيم بن إبراهيم بن عبدالرحمن السيد الهاشم

د.عبدالرحيم بن إبراهيم بن عبدالرحمن السيد الهاشم [أستاذ الفقه المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالأحساء]


    بسم الله الرحمن الرحيم
       الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وآله وصحبه، أما بعد:
      فقد حظيت المرأة في الإسلام بما لم تحظ به في سائر النظم والديانات القديمة والحديثة. ذلك أن الإسلام جعل لها مكانة عظيمة، وشأناَ كبيراَ، وتمتعاَ بكامل حقوقها الحسية والمعنوية، وبما يوافق طبيعتها ويناسب تكوينها، سواءً في علاقتها بالله جلً جلاله من التقرب إليه بطاعاته فرائضها ونوافلها وباجتناب معاصيه كبائرها وصغائرها، أو في علاقتها بالناس من القيام بالعدل والإحسان في الأخلاق والحقوق والأموال , وعدم الظلم في شيء من ذلك.
       وإن من الحقوق التي حظيت بها المرأة في الإسلام؛ ما يخصها مما يتعلق بعقد النكاح.
        والمجتمع المسلم ابتلي بوجود طرفين متناقضين في ذلك؛ طرف فرط بجعل الحق في نكاح المرأة إلى وليها ولم يرع لها حقها فيه، بل جعلها آخر من يعلم , أو ربما قد لا تعلم به إلا عند زفافها، وطرف أفرط في ذلك بجعل كامل الحق فيه لها، ولم يرع لوليها أدنى حق بل جعله آخر من يعلم بنكاحها , أو لا يعلم به إلا بعد زفافها.
       وكلا الطرفين خالف منهج الإسلام وتشريعاته في ذلك، وأدى فعلهما إلى أمور سيئة وأضرار وخيمة؛ من ظلم للمرأة وتفكيك في الأُسْرة( 1) وفساد في المجتمع، وأدى بأعداء الإسلام والجاهلين المتربصين به والمتصيدين لأخطاء أتباعه إلى الطعن فيه، ونبزه بالألقاب المشينة، وتلفيق الشبه ضده بأنه يظلم المرأة.

 

____________________

( 1) بسكون السين؛ الدرع الحصينة، وأسرة الرجل عشيرته وأهل بيته؛ لأنه يتقوى بهم، من أسر كضرب وهو الشدّ بالإسار وهو القَيد، ومنه سمي الأسير؛ لشدهم له بالقد، والأُسْر القوة والحبس. لسان العرب -أسر- 4/20 ومختار الصحاح -أسر- ص16 , وأيضا لعل تسمية قرابة المرء وزوجه أسرة؛ لأن المنتمي إليها يحبس نفسه عما يشينه؛ مراعاة لأسرته إما خوفا منها وإما عليها.