اشتراط الإجماع بين قضاة المحكمة العليا في عقوبات القتل تعزيرآ./ د.عبدالله بن برجس الدوسري

د.عبدالله بن برجس الدوسري

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله, أما بعد:

 فقد كنت ممن أيد قرار لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية بمجلس الشورى بشأن عدم اشتراط الإجماع بين قضاة المحكمة العليا في عقوبات القتل تعزيزاً,والذي خالفت للجنة فيه ما جاء في مشروع الحكومة من اشتراط الإجماع بين قضاة المحكمة العليا في هذه القضية. وهي المادة العاشرة في مشروع نظام الإجراءات الجزائية. ولأن هذا الموضوع نوقش في مجلس الشورى, وانقسم الأعضاء إزاءه بين مؤيد لرأي لجنة الشؤون الإسلامية وبين معارض, حيث يرى المعارضون في جملة حججهم أن مثل هذا القضايا تتعلق بالأنفس كلياً وجزئياً, وحفظ النفس مطلب شرعي, اعتبرته الشريعة إحدى الضرورات الخمس وهي:(حفظ الدين, والنفس, والمال, والعقل, والنسل). قالوا: ثم إن الحدود تدرأ بالشبهات كما روي عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: " ادرؤوا الحدود بالشبهات " وفي لفظ : " ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم " روي مرفوعاً وموقوفاً والموقوف أصح. قالوا: والخلاف في الحكم شبهة يضعف جانب العزيمة ,ويقوي جانب العفو والصفح. وبخاصة أن الحكم الشرعي في بعض هذه القضايا قائم على الاجتهاد في فهم النصوص, والتي يكون الاجتهاد مجال فيها. وهذا ملخص ما تقدم به المعارضون لرأي اللجنة. ولأنني داخلت على هذا الموضوع في حينه وأيدت توجه اللجنة الموقرة؛ فقد ناقشني بعد الإخوة الفضلاء حيا وجهة نظري المؤيدة للجنة, ووعدتهم بأن أبحث المسألة وأقدم فيها ما يمكن أن يجلي الغمة, ويرفع الشبهة بإذن الله فبحثت المسألة وما يتعلق بها في كتب الفقه المقارن, والحديث, والأحكام السلطانية, والتشريع الجنائي, والأنظمة, غيرها كما سيأتي بيانه. وقد جعلت البحث في مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة.