الرقابة الشرعية على المصارف ( ضوابطها ، واحكامها ، ودورها في ضبط عمل المصارف )./ د. يوسف بن عبدالله الشبيلي

د. يوسف بن عبدالله الشبيلي // استاذ الفقه المشارك بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية .

الرقابة الشرعية على المصارف
إعداد
د.يوسف بن عبدالله الشبيلي


المقدمة:
  الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, أما بعد:
    فإن من أبرز المجالات التي جاءت الشريعة المحكمة ببيان أحكامها وضوابطها:
التعاملات المالية. فجاء النظام المالي الإسلامي بديعاً في تكوينه, قوياً في إحكامه, راسخاً في مبادئه, يحقق العدالة, ويمنع الظلم, ويستند إلى قواعد محكمة يتحقق بها الخير والصلاح للمجتمعات الإسلامية, بل للبشرية جمعاء إن هي أخذت به.
يقول سبحانه وتعالى: ﱹ اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم أتممت عليكم  نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناًﱸ.
ولقد عاشت المجتمعات الإسلامية ردحاً من الزمن أسيرة الأفكار والنظم المالية,المستوردة من الغرب الرأسمالي, فانتشرت البنوك الربوية في الأقطار الإسلامية, ووضعت لها الأنظمة المستمدة من الرأسمالية الغربية, وبقيت عقوداً من الزمن حتى أصبح الناس حيالها طرفين: منهم من يحمل لوائها ويدافع عنها, ويرى أن لا سبيل للتقدم الاقتصادي إلا بها, ومنهم من رد فكرة البنوك جملة و تفصيلاً, ويرى أنها محاضن للربا لا يمكن إصلاحها, إلى أن قيض الله لهذه الأمة مصلحين من علمائها ومفكريها وتجارها, تنادوا لإصلاح هذه المؤسسات, وإعادة الشرعية, فظهرت المصارف الإسلامية التي تقدم الخدمات المالية المختلفة, من تمويل واستثمار ووساطة مالية وغير ذالك, ملتزمة بتجنب الربا وغيره من التعاملات المالية المحرمة. وهاهي الآن تزيد عدتها على 390 مصرفاً ومؤسسة مالية منتشرة في 48 دولة على مستوى العالم, وتزيد أصولها المالية على تريليون دولار, بنسبة نمو تصل إلى 23% سنوياً. والتحدي الأهم الآن هو ضبط عمل هذه المصارف والمحافظة على مسيرتها من الانحراف, حتى لا نخسر المكاسب التي تحققت في هذه المدة الوجيزة, ولا سبيل إلى ذالك إلا من خلال هيئات الرقابة الشرعية.