النهي عن الثنيا / إعداد د . عادل بن عبدالله بن عبدالرحمن اللحيدان

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

النهي عن الثنيا

إعداد

د.عادل بن عبدالله بن عبد الرحمن اللحيدان

المقدمة

  إنّ الحمد لله , نحمده ونستعينه , ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا , وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلى الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

] يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون  102[ال عمران .

 ]يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءً واتقوا الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا  [الـنـسـاء .

 ]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا(70)   يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيما  [ 71 الأحزاب.

  أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله , وأحسن الهدي هدي محمد  r, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة , وكل بدعة في الدين ضلالة, وكل ضلالة في النار.

 إن من كمال هذه الشريعة مراعاتها للمصالح وتكميلها , ودرءها للمفاسد وتقليلها,

فما من أمرٍ أمر الله به, أو نهيٍ نهى الله عنه في كتابه أو سنة رسولهr:(إلا وجدتها – الأوامر والنواهي– لا تخرج عن تحصيل المصالح الخالصة, أو الراجحة بحسب الإمكان, وإن تزاحمت قدّم أهمها وأجلها؛ وإن فات أدناها, وتعطيل المفاسد الخالصة أو الراجحة بحسب الإمكان, وإن تزاحمت عطل أعظمها فساداً باحتمال أدناهما, وعلى هذا وضع أحكم الحاكمين شرائع دينه؛ دالة عليه؛ شاهدة له بكمال علمه وحكمته ولطفه بعباده وإحسانه إليهم, وهذه الجملة لا يستريب فيها من له ذوق من الشريعة, و ورود من صفو حوضها, وكلما كان تضلعه منها أعظم كان شهوده لمحاسنها ومصالحها أكمل, ولا يمكن أحداً من الفقهاء أن يتكلم في مآخذ الأحكام وعللها, والأوصاف المؤثرة فيها جمعاً وفرقاً؛ إلا على هذه الطريقة, وأما طريقة إنكار الحكم والتعليل, ونفي الأوصاف المقتضية لحسن ما أمر به, وقبح ما نهي عنه, وتأثيرها, واقتضائها للحب و البغض الذي هو مصدر الأمر والنهي بطريقة جدلية كلامية لا يتصور بناء الأحكام عليها, ولا يمكن فقهياً أن يستعملها في باب واحد من أبواب الفقه, كيف والقرآن وسنة رسولهr مملوآن من تعليل الأحكام بالحكم والمصالح, وتعليل الخلق بهما, والتنبيه على وجوه الحكم التي لأجلها شرع تلك الأحكام؛ ولأجلها خلق تلك الأعيان, ولو كان هذا في القرآن والسنة في نحو مائة موضع أو مائتين لسقناها, ولكنه يزيد على ألف موضع بطرق متنوعة).