حماية المدين من الدائن في ضوء الفقه والقضاء // د. يوسف بن أحمد بن عبدالرحمن القاسم

أستاذ الفقه المساعد بالمعهد العالي للقضاء


الحمد الله وحدة , والصلاة والسلام على من لانبي بعده , أما بعد :

فشتان بين اقتصاد يستمد قوتة من وحي السماء , واقتصاد يستمد قوته من طينه الأرض , والفرق بينهما كلفرق بين الأعمى والبصير , والظلمات والنور : }هل يستويان مثل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون(29){ (1) ولهذا كان من الطبيعي إن يتعرض الاقتصاد البشري لهزات عنيفة ، وضربات موجعه تفقده السيطرة على نفسه ، ليترنح في الأسواق المالية والرأسمالية ، وشركاتها ومؤسساتها البنكية ، ويغدو ذلك الاقتصاد الرأسمالي ألربوي المنغمس في الديون في صورة من يتخبطه الشيطان من المس }ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا (275){ (2) ، أما الاقتصاد السماوي فهو }كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء (24){ (3) ، ولهذا سيبقى شامخا أبد الدهر – مادام انه لم يشوه بأيدي أبنائه – لأنه يرتكز على مبادىء وأصول تنأى به التعرض لهزات ،تجعله في مأمن من الوقوع في أزمات ،ومن تلك المبادئ التي يرتكز عليها : أن الاقتصاد السماوي يراعي المصلحة العامة ، ويقدمها على المصحة الخاصة عند التعارض ، ويرتكب أدنى المفسدتين في سبيل دفع أعلاهما ، ولهذا حرم إلا سلام العديد من المعاملات التي تجر منفعة للفرد إذا كانت تضر بالمجتمع .