حكم استبراء الزانية واستلحاق ولد الزنا // د. عبدالعزيز بن فوزان صالح الفوزان

استاذ الفقه المساعد في كلية الشريعة بالرياض

الحمد لله الذي شرع لنا سنن الهدى ، وحذرنا من أسباب الهلاك والردى ، وأمر عباده بغض الأبصار وحفظ الفروج عن الزنا .

وأشهد أن لا إله إلا الله رب الأرض والسموات العلى ، الذي خلق فسوى ، وقدر فهدى ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، سيد الورى ، وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أعلام الصلاح والتقى ، ومن سار على نهجهم واقتفى ، أما بعد :

فقد بعث الله تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ، ويحل لهم الطيبات ، ويحرم عليهم الخبائث ، ويهديهم لأحسن الأخلاق والأعمال ، ويحذرهم من طريقة أهل الفساد والضلال ، فما ترك خيرا إلا دل الأمة عليه ، ولا شراً إلا حذرها منه ، فجاءت شريعة الإسلام هادية لكل خير ، وناهية عن كل شر ، محققة لمصالح العباد في المعاش والمعاد .

ومما تواترت النصوص الشرعية على التحذير منه ، بل أجمعت الشرائع السماوية كلها على تحريمه ، وتغليظ الوعيد على فاعله : الزنا والفجور ، ونظرا لخطورة هذه الجريمة وفحشها ، وكثرة آثارها وأحكامها ، أخذت حيزاً كبيرا من الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية ، وأولاها العلماء عناية خاصة ، وبحثوا في أبواب كثيرة من كتب الفقه ، ومن أكثر هذه المسائل إشكالا وأكثرها اختلافا بين العلماء : حكم استبراء الزانية قبل نكاحها ، وما يحصل به استبراؤها ، وحكم استلحاق الأولاد الذين نتجوا من هذا الزنا ، وهذه المسائل في مجملها هي موضوع بحثي هذا ، الذي جعلته بعنوان "حكم استبراء الزانية واستلحاق ولد الزنا".