الحمد لله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان ليقوم الناس بالقسط ، والصلاة والسلام على خاتم رسل الله وأنبيائه ، سيدنا محمد المبعوث لهداية الخلق ، والمرسل للناس كافة داعياً ومعلماً يدعوهم إلى الله ، ويعلمهم كتابه ، صلى الله تعالى عليه وعلى آله وأصحابه ومن سلك طريقهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين .
أما بعد :
فلما كان القضاء أمر لازم لقيام الأمم وسعادتها ، وحياتها حياة طيبة ، ولنصرة المظلوم وقمع الظالم ، وقطع الخصومات بأداء الحقوق إلى أهلها والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وللضرب على أيدي العابثين وأهل الشر كي يصلح المجتمع فيأمن كل فرد على نفسه وماله وعرضه وكرامته ، ومن ثم تسعد الأمة وتنهض البلدان وتطيب الحياة ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
ولعظم شأن العدل في دحض الظلم وأنهما ضدان لا يجتمعان ، ورد في آية واحدة بأمر ونهي ، قال تعالى : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) .
ولما كان العدل بهذه الأهمية فقد اعتنى الشرع بمنصب القضاء ، وأعلى مكانه ، ورغب في تولية الكفؤ الصالح العلم ، وحذر ورهب من تولية سوى ذلك ، وجعل القاضي العادل في منزلة عالية رفيعة في الدنيا والآخرة .