القضاء المستعجل في نظام المرافعات السعودي وصلته بالفقه وأصول التشريع // د .موسى بن علي موسى فقيهي

أستاذ أصول الفقه المشارك بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة الملك خالد في أبها

الحمد لله القائل (وداود وسلُيمان إذ يحكُمان في الحرث إذ نفشتْ فيه غنمُ القومِ وكُنا لحُكْمهمْ شاهدين {78} ففهمناها سُليمان وكُلا آتيْنا حُكْماً وعلماً ) ، وصلى الله وسلم على رسوله القائل : "إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات ، ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات" ،ورضي الله عن صحابته أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :

          فالسياسة القضائية في الدولة الإسلامية كما اهتمت بكيفية تنظيم القضاء ، ووضع الأجهزة الخاصة به ، واختيار القضاة ، وبيان ما يشترط فيهم ، وما يخضعون له من الأحكام ، اهتمت أيضاً بإجراءات والتنفيذ ، موضحة اختصاص المحاكم ، وتنوعها عند الحاجة إلى ذلك ، وهو ما يعرف في المصطلح الحديث : بنظام المرافعات .

          ولكون هذه الشريعة صالحة لكل زمان ومكان ، ومن أصولها المعتبرة الأخذ بالمصالح المرسلة التي لم يشهد لها نص خاص بالإلغاء أو الاعتبار ، ومن مقاصدها : حفظ حقوق الأمة ومصالحهم ، ومنها الأموال ، ودفع الظلم عن المظلوم ، اقتضت تلك المصلحة ، وهذا المقصد سَن ما يعرف بنظام القضاء المستعجل ؛ لتوفير الحماية القضائية العاجلة لمن يتضرر ببطء الإجراءات القضائية المعتادة .

          وأما الأصل هذا البحث فقد كان بعنوان : "القضاء المستعجل في الفقه ونظام المرافعات الشرعية" ، تقدمت به إلى وزارة العدل للمشاركة به في ندوة القضاء والأنظمة العدلية .

          وقد ظهر لي رجوع النظام إلى جملة من أدلة الفقه المختلف في الاحتجاج بها لدى علماء الفن، ولأن الفرع يأخذ حكم أصله صحةً وفساداً أحببت أن أبين للقارئ أن الأصول التي قد بني عليها هذا النظام معتبرة عند جماهير علماء الأمة ومحققيهم، ومنهم أئمة المذاهب الأربعة على التحقيق، وهذا اقتضى أن أعرف بتلك الأصول وأذكر بإيجاز من احتج بها في استدلاله، الأمر الذي لم يتأت لي عمله حين قدمت البحث إلى وزارة العدل، لضيق الوقت في جهة، والتزاماً بشروط الندوة في عدد الصفحات.