وظيفة القضاء في التعامل مع الإرهاب // د. ناصر بن إبراهيم المحيميد

رئيس محاكم منطقة عسير ، خبير الفقه والقضاء بجامعة الدول العربية

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد :

          فإن القضاء من أجل الوظائف وأسمى الأعمال ، وهو من أقوى الفرائض بعد الإيمان بالله تعالى ، وقد قام الله به جل جلاله ، وبعث به رسله ، فقاموا به صلوات الله وسلامه عليهم أتم قيام ، وقام به من بعدهم أئمة العدل امتثالاً لأمره سبحانه وتعالى : (إن أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس وأخشونٍ ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) [المائدة:44] وقوله تعالى : (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً) [النساء:105] فوظيفة القضاء وظيفة سامية يراد منها إقامة العدل بين الناس ، ولا يستقيم حالهم إلا به دفعاً للظلم وكبحاً للشر ، لأن الظلم في الطباع ، فلا بد من حاكم ينصف المظلوم من الظالم ، ويسعى لإقامة العدل الذي هو قوام الأمر وحليته ، قال تعالى : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) [النحل:90] .

          فبالقضاء تعصم الدماء وتسفح ، والأبضاع تحرم وتنكح ، والأموال يثبت ملكها ويسلب ، والمعاملات يسلم ما يجوز منها ويحرم ويكره ويندب ، لذا فإن أمر الناس لا يستقيم بدونه .