المحكمة في القضاء الإسلامي والتنظيم القضائي السعودي // الشيخ / عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين

القاضي بمحكمة التمييز بالرياض ، الأستاذ المتعاون بالمعهد العالي للقضاء

         

إن الحمد لله نحمده ، ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، واشهد أن محمداً عبده ورسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ـ أما بعد :

          فإن الشريعة الإسلامية شريعة جاءت من عند الله كاملة شاملة لجميع نواحي الحياة ، وفي هذا يقول الله ـ تعالى ـ (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) [المائدة:3] ، فشريعة الإسلام جاءت بكل ما يحتاجه الإنسان في شؤونه كليها ، ومن ذلك : ما يتعلق بالقضاء والتقاضي من أحكام موضوعية أو إجرائية .

          وإن من يطلع على ما خطه يراع كوكبة من العلماء يظهر له ذلك بجلاء ، فقد صنفوا التصانيف الفقهية ، فعقدوا فيها كتباً للقضاء تناولوا أحكامه في الإجراءات وغيرها .

          كما عمد فريق من الفقهاء إلى كتابة مصنفات خاصة بالقضاء والتقاضي تتناول أحكامه الإجرائية وغيرها .

          وفقهنا الإسلامي يعتمد أصولاً قادرة على معالجة كل نازلة إجرائية ، وهو مع ذلك يحمل كل مقومات النمو لكل ما فيه حماية الحقوق وتسهيل الأداء مع الضبط والإتقان ، وهوا بخلاف النظم الإجرائية المطبقة في كثير من البلدان التي تعتمد القانون الإجرائي الفرنسي ؛ فإنها تجعل الوصول إلى الحق صعباً ، بل ربما كانت سبباً في إهداره ، فهذا أحد الباحثين في القوانين الإجرائية الوضعية يقول : "على أننا يجب الاعتراف بأننا في . . . نخضع لنظام إجرائي معقد يحتوي على كثير من الإجراءات القديمة التي لم تعد لها فائدة ، ولعل هذا راجع إلى أن قانوننا منقول من أرض أجنبية ، فقد . . . نقل عن مجموعة نابليون التي نقلت ، أو كادت ـ أمر سنة 1667 ، وقد أدى هذا الوضع إلى انتقال تنظيم وضع في ظروف تاريخية معينة في بلد أجنبي ليطبق في . . . في وقت تغيرت فيه ظروف الحياة .