العدالة عند الأصوليين // د. أحمد بن محمد العنقري

عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة -الرياض- جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية .

الحمد لله حمد الشاكرين ، والصلاة والسلام على النبي المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

          أما بعد : فإن علماء الشريعة اعتنوا بوصف العدالة اكبر العناية ، فكان في علوم الحديث والفقه والسياسة الشرعية ، وكذا في اصول الفقه ، ولا غرو في ذلك ؛ فإن الشريعة عدل وقد جاءت أحكامها مبينة على العدل وأمرت بقول العدل والعمل به ، يقول الله تعالى : ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفساً إلا وسعها وإذا قلتم فأعدلوا ول كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصالكم به لعلكم تذكرون ) ويقول الله تعالى : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) .

           والمتتبع لما كتبه الباحثون يجد أنهم تنالوا العدالة عند المحدثين ، وكذا عند الفقهاء وفي السياسة الشرعية ، ولم يتناولوها بعد عند الأصوليين ؛ فكانت الكتابة في هذا الجانب : العدالة عند الأصوليين أمراً محتاجاً إليه .

          أهمية الموضوع :ونستطيع أن نجملها في النقاط الآتية :

1-  إن موضوع العدالة ذو أهمية كبيرة في اصول الفقه وفي الشرع بعامة ، إذ يتوقف عليه تلقي العلم الشرعي ، سواء أكان تلقي الأحاديث من الرواة والترجيح بينها ، أم تلقي الحكم الشرعي من المجتهد أو المفتي .

2-  أ، موضوع العدالة يبحث في أصول الفقه في أبواب متفرقة في باب السنة المتواترة ، وفي خبر الآحاد ، وفي باب الإجماع ، وفي باب الاجتهاد والتقليد والإفتاء , في التعارض والترجيح ، فكان تأليفه وجمعه في بحث واحد أمراً محتاجاً إليه . .

3-  إن بحث هذا الموضوع يمكن أن يكون حلقة في سلسلة بحث موضوع العدالة في الشريعة ، إذ إنه يختص في العدالة عند الأصوليين ، وبذلك يكمل ما بدأه الآخرون في علوم أخرى .