حكم توثيق الدين والبيع كتابة وشهادة // د . نفل بن مطلق الحارثي

أستاذ مساعد بكلية الملك عبدالعزيز الحربية قسم العلوم الإسلامية .

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل لا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً .

            أما بعد :

فإن الشريعة الإسلامية قد دعت إلى المحافظة على المال والعناية به وتنميته ولذلك نهت عن تمكين السفهاء والصغار من التصرف فيه لأن الله سبحانه وتعالى قد جعله قياماً لمعايش الناس قال تعالى : (ولا تُوتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معرُوفا [5] وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رُشداً فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكُلُوها إسرافاً وبداراً أن يكبرُوا ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً ليأكُل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم) . وهذا دليل على وجوب حفظ الأموال وعدم تعريضها للضياع والتلف .

            فال ابن كثير ـ رحمه الله تعالى : (ومن هاهنا يؤخذ الحجر على السفهاء وهم أقسام : فتارة يكون الحجر على الصغير فإن الصغير مسلوب العبارة ، وتارة يكون الحجر للجنون ، وتارة لسوء التصرف لنقص العقل والدين ، وتارة للفلس وهو ما إذا أحاطت الديون برجل وضاق ماله عن وفائها فإذ سأل الغرماء الحاكم الحجر عليه حجر عليه ) .

            فالحجر على هؤلاء دليل أيضاً على ضرورة حفظ الأموال وعدم تسليمها إلى من يكون سبباً في ضياعها وتلفها . بل ذهبت الشريعة الإسلامية إلى أبعد من ذلك في حفظ المال وحمايته ، والدفاع عنه فقد أباحت القتال دونه حتى ولو أدى ذلك على الاستشهاد في سبيله .