مجلة العدل


التعزير بقطع الطرف (دراسة فقهية مقارنة) د. سعد بن عمر بن عبدالعزيز الخراشي طباعة

الأستاذ المساعد بقسم الفقه المقارن في المعهد العالي للقضاء

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فإن الله سبحانه وتعالى قد أكمل دينه ، وأتم نعمته على عباده ، وأحكم شريعته ، فجاءت شريعة مشتملة على الحكمة ، متضمنة الرحمة بالعباد والرأفة بهم ، فكان من بعض حكمته ورحمته سبحانه أن شرع العقوبات الشرعية في الجنايات الواقعة بين الناس في النفوس والأبدان والأعراض والأموال ، كالقتل ، والجرح ، والقذف ، والسرقة وغيرها .
فأحكم سبحانه وجوه الزجر الرادعة غاية الإحكام ، وشرعها على أكمل الوجوه متناسبة متناسقة ، ومحققة مصالح الردع والزجر ، مع عدم المجاوزة والسرف فيما يستحقه الجاني من الجزاء ، فتناسبت العقوبة مع الجرم ، جنساً وقدراً .
ولما كان من المعاصي والذنوب ما ليس له في الشرع حد مقدر ، وكان فاعلها مستوجباً العقوبة والجزاء فقد ناطت الشريعة تلك العقوبات التعزيرية إلى اجتهاد الأئمة والقضاة بحسب المصالح وما به تتحقق معاني الزجر والردع وحفظ الأمن ، مع إرادة الإحسان وقصد الرحمة بالمعاقبين ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (منهاج السنة) "ولهذا ينبغي لمن يعاقب الناس على الذنوب أن يقصد بذلك الإحسان إليهم والرحمة لهم ، كما يقصد الوالد تأديب ولده ، وكما يقصد الطبيب معالجة المريض " .
ولما كانت مسائل التعزير كثيرة وذوات شعب ، تشكل مساحة واسعة في مجال العقوبات يعمل فيها القاضي ما يراه أصلح وأنجح لحسم الجريمة مراعياً حال الجرم والجريمة والمجرم .
أحببت أن أشارك في المسائل المتعلقة بالتعازير ، بدراسة قضائية في مسألة دقيقة من مسائل هذا الباب لها أهميتها الكبيرة ، خاصة لمن تقلد القضاء ، أو كان مهتماً بالدراسات القضائية ، وهي مسألة " التعزير في قطع الأطراف " في الجرائم التي قويت في التهمة ، ولم ترتق الأدلة إلى إثبات الحد فيها ، وكان مرتكبوها ممن لهم تاريخ جرمي مليء بالسوابق .

 


 
Friday, April 26, 2024 


جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة العدل