الحمد لله الذي قضى وأمر بالعدل ، وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بالهدى بعثه
وبالحق أنزل عليه الكتاب تبياناً لكل شيء ، صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى
آله وأصحابه ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين أما بعد :
فإن
من الواجبات التي ينبغي على القاضي معرفتها أهمية الفرق بين المدعي والمدعى عليه ،
فمن عرف الفرق ، عرف كيف يسير في نظر القضية وينزل ما يعرض عليه على القواعد
الفقهية والضوابط الشرعية ؛ لأن علم القضاء يدور على التمييز بين المدعي والمدعى
عليه ، وهو يحتاج إلى دقة في النظر وإعمال للفكر ودراسة للقضية المعروضة ولذلك
تكلم الفقهاء ـ رحمهم الله تعالى ـ عن الدعوى المقلوبة أو دعوى قطع النزاع"
التي يرفعها المدعي بصفته مدعياً وهو في الحقيقة مدعى عليه كما اهتم العلماء ـ
رحمهم اله تعالى ـ في أهمية التفريق بين المدعي والمدعى عليه .
يقول
سعيد بن المسيب ـ رحمه الله ـ " من عرف المدعي والمدعى عليه لم يلتبس عليه ما
يحكم بينهما " .
ويقول
" من ميز بين المدعي والمدعى عليه فقد عرف وجه القضاء".
ويقول
ابن فرحون " علم القضاء يدور على
معرفة المدعي من المدعى عليه ، لأنه أصل مشكل ولم يختلفوا في حكم ما لكل واحد
منهما وإنما اختلفوا فقط في تعريف كل منها ".
ويقول
شريح : "وليت القضاء وعندي أني لا أعجز عن معرفة ما يتخاصم إلى فيه ، فأول ما
أرتفع إلي خصمان أشكل عليّ أمرهما من المدعي ومن المدعى عليه" .