مجلة العدل


زيادة الثمن للأجل // د. عدلان بن غازي الشمراني طباعة

عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بالرياض قسم الفقه .

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونستغفره ، ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

          وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلى آله وأصحابه أجمعين .

          أما بعــــد :

          فكما يلزم معرفة عبادة ربه ، يلزمه أن يعرف حكم تعامله مع غيره بالبيع والشراء ، وما يتعلق بهما من أحكام ، حتى يكون تعامله مشروعاً ؛ لأن المسلم عابد لله بمعاملاته ، كما هو عابد له بعبادته .

          وإن الناظر في فقه المعاملات في الشريعة الإسلامية يرى بوضوح حكمة الشرع العظيمة في تنظيم المعاملات تنظيماً دقيقاً محكماً ، يحفظ هذا التنظيم حقوق العاقدين في حال النقد والأجل وفي كل أحواله ، ويكفل لكل ذي حق حقه ، ويرتب على كل عقد آثاره ، ويضمن حقوق كل عاقد إذا أخل الطرف الآخر بالتزاماته .

          ومن الموضوعات التي لفتت نظري موضوع "زيادة الثمن للأجل" وقد عرض للبحث والمناقشة ضمن بيع التقسيط ، وضمن بيع المرابحة للآمر بالشراء على مستوى المجامع الفقهية مما يدل على الاهتمام به ، وقد أطلعت عليها ، واستفدت منها ، بل دفعني ذلك للإدلاء بدلوي مع هؤلاء العلماء الأجلاء في بحث هذه المسألة ، وقد دفعني لذلك أسباب منها :

1-  موضوع "زيادة الثمن للأجل" لصيق بالتطور الاقتصادي ، وما يتعبه من تقلب في الأسواق التجارية بين مد وجزر ، الأمر الذي يجعل الناس بحاجة إلى معرفة أحكام تصرفاتهم في مبادلاتهم التجارية في البيع بالنقد أو بالنسيئة .

2-  هذا الموضوع هو لب البيع بالتقسيط الذي انتشر في هذا الزمان ، وعمت به البلوى ،  فصار يدخل في أغلب معاملات الناس : في المساكن والأراضي والأثاث والمعدات والسيارات وغير ذلك ، وعلى مستوى الأفراد والأسر والمؤسسات والشركات والحكومات .

3-  موضوع " زيادة الثمن للأجل" قامت عليه المعاملة المعاصرة المستجدة (بيع المرابحة للآمر بالشراء) ، التي يتقدم فيها الراغب في شراء سلعة إلى المصرف ، لأنه لا يملك المال الكافي لسداد ثمنها نقداً ، فيشتريها المصرف بثمن نقدي ويبيعها إلى عميله بثمن مؤجل أعلى ، ويدفع الثمن مقسطاً حسب إمكاناته .

4-  زيادة الثمن للأجل تدخل في المسألة المعاصرة 0البيع الإيجاري أو الإجارة المنتهية بالتمليك)؛ فقد يتفق اثنان على أن يؤجر أحدهما للآخر سلعة من السلع القابلة للإجارة كأرض أو مبنى أو سيارة ونحو ذلك ، بحيث يسدد المستأجر أقساطاً إيجاريه في مواعيد دورية منتظمة ، وبحيث إذا سدد من الأقساط المحددة عشرة مثلاً تم نقل ملكية السلعة إلى المستأجر .

5-  الثمن المؤجل ينطوي على زيادة لأجل هذا الأجل ، والربا تمنع في الزيادة لأجل الأجل ، فنحتاج إلى بيان الفروق بين الزيادتين .

لذا أحببت الكتابة في هذا الموضوع ، إسهاماً مني في بيان الحكم الشرعي فيه ، مستفيداً في ذلك من اجتهادات من سبقني من العلماء الأفاضل ـ جزاهم الله خيراً ـ وأحسن إليهم .

 


 
Thursday, April 25, 2024 


جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة العدل