مجلة العدل


التفتيش التحقيقي في النظام السعودي // أحمد بن عبدالله الزهراني طباعة

عضو هيئة التحقيق والإدعاء العام بمحافظة جدة ومستشار بدائرة التحقيق في قضايا الإعتداء على النفس بكالوريس أنظمة + الدبلوم العالي للأنظمة الخاصة بهيئة التحقيق والإدعاء العام

مما لاشك فيه أن الشريعة الإسلامية قد عنيت فائقة بحماية الحريات الشخصية وصيانتها ، غير أن هذه الحرية ليست مطلقة دون تقييد أو تحديد إذ يجب أن لا تجور على حرية أفراد كما لا يجوز لها أن تخل بنظام الجماعة وأمنها .

     وعليه فإذا كان من المقرر شرعاً عدم جواز تفتيش الأشخاص أو حتى مجرد دخول المساكن إلا بإذن ساكنها قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون [27] فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم) . إلا انه واستثناء من هذا الأصل فقد أجيز دخول المساكن وتفتيشها وتفتيش الأشخاص في أحوال خاصة لا تتعدى لسواها ، وذلك استناداً لقوله تعالى في معرض إخباره عن قصة نبي الله يوسف عليه السلام (فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه) .

     ولما روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاص فإن به ظعينة ، معها كتاب فخذوه منها ، قال : فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة قلنا لها : أخرجي الكتاب ، فقالت ما معي كتاب ، فقلنا لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب قال : فأخرجته من عقاصها "

          وإعمالاً للقاعدة الشرعية "الضرورات تبيح المحظورات" ، على أن يكون في أضيق الحدود نظراً لما يتضمنه التفتيش في جوهره من اعتداء على حق الإنسان في الاحتفاظ بسره وحرمه مسكنه وأماكنه الخاصة الأخرى التي تعتبر من أهم العناصر الحقوق والحرية الشخصية فضلاً عما قد ينتج عن التفتيش من ظهور أدلة تصلح أن تكون ركيزة للحكم على شخص رمن كان بريئاً .

 


 
Friday, April 19, 2024 


جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة العدل