الحمد لله الذي أنعم وأفضل ، وشرع فأحكم ، وكلف الخلق بما لا مشقة فيه خارجة عن معتادهم ، فكانت التكاليف مورداً للامتثال ، وسبيلاً لتحقيق مناط العبودية لله ، التي هي غاية الخلق .
وصلاة وسلاماً على من جعله الله حجة في تبليغ الشريعة وبيانها ، وعلى آله وصبحه .
أما بعد : فإن الشريعة تكاليف بأوامر ، ونواه ، تقتضي ربطها بمحالها ، ومواضعها حتى لا تبقى نظرية .
وقد كلف الله تعالى ، رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ببيانها بيان مشروعية وبيان تحقيق وتطبيق ، ثم جعل لورثته من بعده من العلماء ، بيان ما شرع ، وبيان ما شرع ، وبيان تحقيقه وتطبيقه ، هذا البيان الذي لا يتوقف ، لتجدد الأشخاص ، والذوات ، والأحوال ، والأزمنة ، والأمكنة ، واختلافها ، واختلاف ما يناسبها من أحكام ، حسب ما تحقق فيها من مناط .
فتحقيق المناط هو الصلة بين الشريعة ، وأفعال المكلفين ، وبين الشريعة وذوات الأشياء ، وصفاتها .