مجلة العدل


المأذون الشرعي وواجباته الشرعية والنظامية في المملكة العربية السعودية // د. أحمد بن عبدالجبار الشعبي . طباعة

أستاذ الفقه المساعد - قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية - كلية التربية- فرع جامعة الملك عبدالعزيز بالمدينة المنورة ، المأذون الشرعي في المدينة المنورة .

الحمد لله الذي جعل النكاح سبباً للفخر يوم القيامة ، وزوج من عليائه خاتم رسله وأنبيائه صلى الله عليه وسلم ، : (فما قضى زيدٌ منها وطرا زوجناكها . . . )

          والصلاة والسلام على خير من عقد النكاح لأصحابه سيدنا ونبينا محمد القائل : " اذهب  فقد ملكتها بما  معك من القران "  صلى الله وعليه  وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته ، صلاة وسلاماً دائمين متلازمين تلازم القبول لإيجابه ، بعد :

          فإن توثيق عقد النكاح بتدوينه لا يُعدُّ ـ شرعاً ـ من أركان ولا من شروط صحة العقد ، فقد كان عقد النكاح عند سائر المسلمين في القرون الأولى من الإسلام يتم بالإيجاب والقبول بين طرفيه من توفر أركانه وشروطه دون كتابته اكتفاء بالإشهاد عليه وإعلانه وإشهاره .

          قال الشيخ ابن تيمية : "ولا يفتقر تزويج الولي المرأة إلى حاكم باتفاق العلماء" .

          ولما كثر الناس بعد ذلك وتوفر الكُتاب ووسائل الكتابة وظهرت الدواوين وكثرت حالات التجاحد بين الناس لزمت الكتابة توثيقاَ للعقود لا سيما عقد النكاح لما له من الخطر العظيم لمساسه بأعراض الناس وأنسابهم ، ومعلومٌ أن صيانة العرض والنسب من المصالح الأساسية التي حرص الشرع الحنيف على كفالتها لجميع المسلمين .

          ومن هنا كانت ولاية توثيق عقد النكاح بتدوينه بين أطرافه واجبة على إمام المسلمين وولي أمرهم . ونظراً لكثرة الأعباء الملقاة على عاتق وولي أمر المسلمين عادة وتضايق وقته الذي يحول دون تمكنه من مباشرته بنفسه ، وأن له الحق في الاستعانة بمن يثق بهم من الأكفاء لأداء تلك الواجبات نيابة عنه ، وعلى رأس تلك الواجبات ولاية القضاء ، التي يندرج ضمن اختصاصاتها توثيق عقد النكاح بين المتناكحين من المسلمين . فكان القاضي في بداية أزمنة التوثيق بتدوين عقد النكاح هو الذي يقوم بذلك ، إلا أن الأمر لم يقف عند هذا الحد ، بل تجاوزه فاحتاج القضاة بعد فترة من الزمن إلى الاستعانة بمن يثقون لهم من العدول الأكفاء للقيام نيابة عنهم بتدوين عقود النكاح للرعية لتكاثر أعباء القضاء عليهم وعدم تمكنه من الوفاء بها ..

 


 
Thursday, March 28, 2024 


جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة العدل