مجلة العدل


الإجارة المنتهية بالتمليك // د. محمد بن سليمان بن عثمان المنيعي طباعة

الاستاذ المساعد في قسم القضاء بجامعة أم القرى

الحمد لله الذي أوضح الطريق للطالبين ، وبين سبيل الحق للسالكين ، وبصرنا بسائر الحكم والأحكام في الدين ، وأشهد إن لا إله الله إلا الله وحده لا شريك له ، الملك الحق المبين ، أنقذنا بنور العلم من ظلمات الجهالة ، ونصب لنا من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم أوضح الدلالة ، وأشهد إن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى أصح الأقوال ، وأسد الأفعال ، المحكم للأحكام والمميز بين الحرام والحلال ، صلى الله عليه وعلى صحبه والآل ، ومن أهتدي بهديه إلى يوم المآل .

            وبعد : فإن من نعم الله على عباده أن شرع لهم هذا الدين ، وبين لهم أحكام الحلال والحرام ، ونظم لهم أمور دنيهم ودنياهم ، عقيدة وسلوكاً ، عبادة ومعاملة ، وجعل شرعيتهم محيطة شاملة ، كما قال تعالى : (ما فرطنا في الكتاب من شيء) [الأنعام : 38] (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء) [النحل: 89] ولم ينقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى إلا بعد أن ترك أمته على المحجة البيضاء ، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، تركهم بعد أن نزل عليهم قول الحق سبحانه : (اليوم أكلمت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) [المائدة: 3] .

            وقد جاءت الشريعة الإسلامية بالقواعد الكلية والضوابط العامة التي تنطبق على فروع كثيرة تفهم أحكامهم منها ، واتصفت هذه القواعد بالثبات والشمول والتجدد ، كي تشمل المسائل والنوازل الواقعة والمستجدة.

            كما جاءت بفتح باب الاجتهاد ، كي يستنبط علماء الأمة ـ من أدلة الكتاب والسنة والقواعد العامة ، أحكام ما يستجد من معاملات الناس وشؤونهم الخاصة والعامة .

            بيد أن هذا الاجتهاد جاء منضبطاً بالشروط الشرعية المعروفة في علم الأصول ، حتى لا يلج هذا الباب من ليس له بأهل ، أو يجرأ عليه من لا يحسنه ، فتخلط الأمور ، ويختل ميزان الحلال والحرام .

 


 
Friday, March 29, 2024 


جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة العدل