الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد :
فهذا ذكر للخلاف في مسألة الرجوع عن الإقرار بما يوجب حداً ، أيقبل أو لا ؟
فأقول مستعيناً بالله :
لقد اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :
القول الأول : قبول رجوعه مطلقاً .
وإليه ذهب الحنفية ، والشافعية ، والحنابلة ، وهو الرواية المشهورة عند المالكية .
واستدلوا لذلك بما يلي :
الدليل الأول :
حديث أبي هريرة رضي الله عنه في ذكر قصة ماعز رضي الله عنه حين شهد على نفسه بالزنا وفيه :
أن النبي صلى الله عليه وسلم أعرض عنه ،وردده مرراً ، وقال له : "ويحك ، أرجع فاستغفر الله ، وتب إليه" وفيه :
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : "لعلك قبلت ، أو غمزت ، أو نظرت" .
وفيه :
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذين رجموه حين هرب لما وجد مس الحجارة : "فهلا تركتموه"
وفي رواية :"هلا تركتموه ، لعله أن يتوب فيتوب الله عليه" .
وجه الاستدلال :
أن هذا الحديث يدل على قبول رجوعه من وجهين :
الأول : كونه صلى الله عليه وسلم أعرض عنه ، وردده ، وعرض له بالرجوع ، وإلا لما كان لذلك فائدة .
الثاني : كونه صلى الله عليه وسلم قال لمن رجمه بعد هربه : "هلا تركتموه" لأن الهرب دليل الرجوع .