الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى أثره على يوم الدين ، وبعد :
فإن حضور الخصوم مجلس القضاء في اليوم المحدد للنظر في الدعوى المقدمة للقاضي يؤدي إلى تمكن كل خصم من مواجهة الخصم الآخر ، والرد على ما يقدمه من وقائع وأدلة ، وهذا بدوره يؤدي إلى كفالة حق الدفاع .
ولعل المقصود من حضور الخصوم هو حضور ذات المدعي ، والمدعى عليه ، أو ممثليهما الشرعيين في الجلسة المحددة من القاضي للنظر في الدعوى .
وتخلف الخصوم عن حضور مجلس القضاء له عدة صور : لأنه إما أن يختلف المدعي ، أو يختلف المدعى عليه ، أو يختلفاً معاً ، ولكل صورة من هذه الصور حكمها في الشرع والنظام.
الصورة الأولى : تخلف المدعي عن حضور مجلس القضاء :
لم أجد فيما بين يدي من المصادر كلاماً للفقهاء حول تخلف المدعي عن حضور مجلس القضاء في القضية التي ادعاها على خصمه ؛ لأن الأصل حضوره ، إذ هو الخصم المهتم برفع الدعوى ، وموالاة الإجراءات بغية التوصل إلى الحكم الحاسم للنزاع .
إلا أنه يتصور تخلف المدعي عن الحضور في حالة ادعائه كذباً على خصمه ، ليشغله بالحضور لمجلس القضاء خاصة إن كان خصمه من ذوي الهيئة والمكانة فأنه في الغالب يتأذى بالحضور لمجلس القضاء .
أما في نظام القضاء السعودي ، فإنه قد وضع لهذه الصورة نص يحكمها فالمادة "38" من نظام المرافعات الشرعية الصادر سنة 1350هـ تنص على أنه : "إذا حضر المدعى عليه ، أو وكيله في الخصومة ، ولم يحضر المدعي ، أو وكيله في الخصومة ، ولم يبد عذراً مقبولاً لدى القاضي قبل قرار شطب القضية ، فللمدعى عليه حق طلب شطب الدعوى ، وعلى المحكمة إجابة طلبه في نهاية الجلسة .
ويلاحظ أن هذا النص يقرر جزاء الشطب ، أي استبعاد القضية من جدول القضايا ، ومع بقائها قائمة يجوز للمدعي تجديدها بتحديد جلسة جديدة يخبر بها المدعى عليه ، والشطب هنا يعتبر جزاء على غيبا المدعي دون عذر مقبول ، ويجوز للمحكمة الشطب من تلقاء نفسها ، كما يجوز للمدعى عليه طلبه ، ويجب على المحكمة إجابته إلى طلبه في نهاية الجلسة .
أما إذا شطبت القضية مرتين فقد جاء في التعاميم الصادرة من وزارة العدل والمبلغة لأصحاب الفضيلة رؤساء المحاكم والقضاة ، أنه لا ينظر في القضية التي شطبت مرتين إلا بأمر من المقام السامي .
وهذا ما تنص عليه المادة "32" من نظام الأعمال الإدارية في الدوائر الشرعية الصادرة عام 1372هـ .