مجلة العدل


مقاصد التشريع الإسلامي (مفهومها ـ ضرورتها ـ ضوابطها) // تأليف فضيلة الشيخ الدكتورنور الدين مختار الخادمي طباعة

عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

مفهوم مقاصد التشريع

توطئة عامة :

          المقاصد الشرعية فن من فنون الشريعة الإسلامية ، وعلم من علومها التي حظيت باهتمام بالغ ، وعناية فائقة على مستوى التأليف والتدوين والتأصيل ، والتفريع والتنظير والتطبيق ، ولا سيما في العصور الفقهية المتأخرة ، وبالخصوص في العصر الحالي الذي توالت فيه الدعوات لقيام ما أصبح يعرف بعلم "المقاصد الشرعية" أو نظرية المقاصد أو الفقه المقاصدي أو الاجتهاد المقاصدي ، أو الثقافة المقاصدية أو غير ذلك من الشعارات والمصطلحات والتعبيرات التي تنطوي في محتواها ومضمونها على معنى الالتفات إلى المقاصد والاعتماد عليها والاستئناس بها في التعامل مع منظومة الأحكام الفقهية الشرعية فهما واستيعاباً وتنزيلاً وتطبيقاً .

          المطلب الأول : تعريف مقاصد التشريع :

          قدامى العلماء والأصوليين لم يذكروا تعريفاً علمياً للمقاصد الشرعية ، وإنما اكتفوا ببيان حقيقة المقاصد ومحتوياتها وذكر بعض متعلقاتها وبعض مشتملاتها ، على نحو : أسمائها وألقابها واطلاقها ، وعلى نحو : بعض أقسامها وأمثلتها وأدلتها وغير ذلك مما لم يتضمن صراحة تعريفاً دقيقاً ومحدداً لها ، ويبدوا أن سبب انعدام التعريف الدقيق للمقاصد يعود أساساً إلى :

          ـ طبيعة العمل الفقهي الأصولي في عصور التشريع الأولى ، والتي كانت لا تحتاج كثيراً إلى التدوين والتأليف والتنظير ، وإنما كانت تتأسس على سرعة الاستحضار الذهني وعلى السليقة العلمية والملكة الاجتهادية الذاتية التي كان يتمتع بها الأعلام المجتهدون .

          ـ طبيعة المادة القاصدية المتسمة بالاتساع والضخامة والتشعب والتجذر في كثير من المباحث والفنون الشرعية .

          ـ طبيعة البحث العلمي القائمة على أساس الجهود التكاملية والأدوار المشتركة في صياغة علم أو فن أو نظرية ، ذلك أن البحث العلمي في موضوع المقاصد هو نفسه لم يشذ عن هذا الأساس وإنما ظل اكتمال بنيانه متوفقاً على جهود السابقين واللاحقين تأسيساً ونقداً وموازنة وإثراء وتطويراً .

 


 
Friday, April 19, 2024 


جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة العدل