مجلة العدل


عقوبة الدية ومقاصد الشريعة منها / أ.د. صالح بن سليمان بن محمد اليوسف طباعة

أ.د. صالح بن سليمان بن محمد اليوسف [عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة القصيم]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده اللَّه فلا مضل لـه ، ومن يضلل فلا هادي لـه وأشهد أن لا إله إلاَّ اللَّه وحده لا شريك لـه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(102). (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (1). (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ( 70 ) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (71). أما بعد : إن الشريعة الإسلامية اختصت من بين الشرائع بالشمول والسمو والعالمية والدوام، حتى تقوم الساعة. فالشريعة الإسلامية كاملة شاملة جامعة مانعة ، أنزلها اللَّه على محمد صلى الله عليه وسلم بيضاء نقية ، قال تعالى ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ ) ، وقال تعالى ( يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ) . فما قبض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى أكمل اللَّه تعالى لـه ولأمته الدين ، كما قال تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً ) . وقال صلى الله عليه وسلم : " تركتكم على بيضاء نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلاَّ هالك" . وقال أبو ذر رضي اللَّه عنه : " توفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وما طائر يحرك جناحيه في السماء إلاَّ وقد ذكر لنا منه علماً " . فإن من أهم المقاصد الشرعية تحقيق الأمن ومن وسائل تحقيقه إقامة الحدود والعقوبات الشرعية التي شرعها الله للعبادة . فالشريعة مبناها وأساسها على مصالح العباد في العاجلة والآجله ، والعدل والرحمة والمصلحه والحكمة كلها فيها . فكل مسألة خرجت من ذلك ليست من الشريعة ولو أدخلت فيها بتأويل فمرد الأحكام إلى اللَّه سبحانه وتعالى ؛ إذ لا حكم إلاَّ حكمه ولا علاج إلاَّ بما شرع فهو أحكم الحاكمين ، المحيط بمخلوقاته إحاطة تامة ، قال تعالى : ( وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ) ، فاللَّه هو الذي يعلم ما يصلح العبد ، ويعلم خفايا النفوس ويعلم علل المجتمع وأمراضه وعلاجه ووسائل شفائه ، فكل تشريع أو علاج من عند اللَّه سبحانه وتعالى في منتهى الحكمة والخبرة ، قال تعالى : ( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (14). ومن أهم الأسباب التي دفعتني للكتابة في هذا الموضوع أهمية وكثرة الحاجة إليه وكثرة وقوع القتل الخطأ والحاجة إلى معرفة تقويم الدية في الريالات وعدم الجمود على المقدر .  


 
Thursday, March 28, 2024 


جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة العدل