مجلة علمية محكمة تعنى بنشر البحوث و الدراسات القضائية المعاصرة - تصدر عن وزارة العدل بالمملكة العربية السعودية

أحكام التماس إعادة النظر على ضوء نظام المرافعات الشرعية

د. خالد بن سعود الرشود القاضي بالمحكمة الإدارية بالرياض

الحمد لله الموجد من العدم، والمخرج بالنور من الظلم، أحمده سبحانه على ما أسبغ من النعم، ودفع من النقم، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة لأجلها أنزلت الكتب، وبعثت الرسل، ووضعت الموازين، وصدحت الألسن وخط القلم. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالحق المبين، والداعي إلى الصراط المستقيم، والخير العميم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد: فإن من الإجراءات القضائية المستحدثة «التماس إعادة النظر» وهو إجراء يعد الأخير بعد استنفاد الخصم كافة الحقوق المتعلقة بالمخاصمة، بصدور حكم نهائي في القضية، وهو في الأصل التاريخي له إجراء قانوني، يستطيع به مجموعة من المواطنين أن يقدموا اقتراحا بتشريع قانون أمام الناخبين مباشرة يقرر بشأنه الاستفتاء ويبادر به الناخبون أنفسهم. والالتماس أيضًا وثيقة مكتوبة يقوم عدد كبير من الأفراد بالتوقيع عليها مطالبين فيها باتخاذ إجراء أو عمل من نوع ما تجاه قضية من القضايا. وتُقدَّم الالتماسات عادةً إلى السلطات الحكومية المحلية منها والقومية. ويُقدِّم الناس هذه الالتماسات لأغراض عدة؛ فقد يُوَقعون على التماس معترضين على مشروع لتوسعة أحد الشوارع الذي تستلزم توسعته هدم كثير من المنازل وإزالتها، كما يمكن أن يُقَدِّموا الالتماس لإبداء معارضتهم تجاه عمليات سياسية اتخذتها دولة أخرى. واستخدمت كلمة الالتماس في الماضي لتعني طلبًا رسميًّا أو قانونيًا. وفي بعض الأقطار، يُطلق على كل أنواع الطلبات اسم التماس؛ ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، فإن الطلبات المكتوبة التي تقدم إلى المحاكم القضائية، أو المسؤولين عن الخدمات العامة، أو أية هيئة تشريعية تُسمى كلها التماسات. ثم أخذ الالتماس شكلاً قانونياً آخر، وهو أن يكون أحد طرق الاعتراض على الأحكام القضائية، بعد اكتسابها القطعية ووجوب تنفيذها، ويعتريه تفصيلات كثيرة، هي موضوع هذا البحث